" أنا اللي بالأمر المُحال اغتوى "

كتبت : لينة محمد **








كأي طفل وهو في عمر السادسة وطوال فترة تعليمه الأساسي كان يتردد مسامعي دائماً ذاك السؤال المتعارف عليه "نفسك تطلع ايه لما تكبر؟" و كانت اجابات زملائي تتبع للعادات والتقاليد المجتمعية فكان الجميع يهوى مهنة الطب و عدد لا بأس به من الصبية يريد أن يصبح شرطي في اختفاء مرعب لأحلام الأطفال من هم في مثل سنهم،كرائد فضاء مثلاً!! أما أنا كنت أريد أن أصبح "مهندسة ديكور" او هكذا كانوا يطلقون على من يملكون ذوق رفيع ولديهم المقدرة ع التنسيق، فلم أكن من المهتمين بالألقاب. وكنت في حصة الرسم أمتلك رصيد كبير من الإعجاب برسوماتي بالرغم من بساطتها. عندما وصلت للمرحلة الإعدادية علمت أن هناك كليات أخرى غير الطب والصيدلة والهندسة وأن هناك كلية للفنون الجميلة وبإمكاني بلوغ هدفي من خلالها حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية و كان دائماً أبي ما يتمنى أن يُسبق إسمي بـ"الدكتورة" ولكنّي كنت دائماً ما أنظر الى هدفي دون إلتفاته واجتزت اختبار القدرات بكلية الفنون الجميلة ولكن رياح القدر تجري بما لا تشتهيه أحلامي وشاء القدر أن ينتزع حلمي من جذوره لتعصف به الرياح بعيداً عني و مجموعي لا يمكنه أن يجعلني أعبر أبواب صرح الفنون، أما عن شهادة اجتيازي لاختبار القدرات فما عليّ الا أن "أبلها وأشرب مايتها" ماذا عن الديكور والتصميم ؟ ماذا عن احتراف الرسم؟ ما علاقة عدم قدرتي على التمييز بين الصخور النارية فوق القاعدية والصخور النارية القاعدية أو اللاكوليث واللوبوليث بأني لن أرسم؟ ما علاقة أني لم أستطع الحصول على نسيج الداكرون من أسترة حمض التيرفيثاليك والإثيلين جليكول بأني لن أصمم؟ تقف القوانين العقيمة ف مصير مستقبلي و تعرقل حلمي، فماذا عليّ أن أصنع؟
 الانضمام إلى قسم الإعلام بكلية الآداب حتى أكتب مقال كهذا ربما يثير ضحكي حين أصبح ذات شأن عظيم وأعبر عن مأسآتي ومأسآة كل من مر بتجربة كهذه، حيث أن القوانين في مصر هي مقبرة لكل ذي موهبة، أما عني فقدت تعلمت ألا أستبعد الخسارة ولا أتحمس للفوز، وأن أقيس نجاحاتي بما تعود به على قلبي، كما قال صلاح جاهين :
أنا اللي بالأمر المحال اغتوى
‎شفت القمر نطيت لفوق في الهوى
‎طلته ماطلتوش .. إيه أنا يهمني
‎‎وليه .. ما دام بالنشوى قلبي ارتوى
من حينها وقد قررت أن لا أتنازل عن فرشاتي وعن حلمي بالرغم من قضاء معايير التنسيق الجامعي عليه، فلا شيء أكثر إلهاماً من السعي خلف المجهول.

ليست هناك تعليقات